اعتذار وزير الطاقة- ثقافة المسؤولية والشفافية في خدمة المستهلك

المؤلف: حمود أبو طالب10.26.2025
اعتذار وزير الطاقة- ثقافة المسؤولية والشفافية في خدمة المستهلك

في غابر الأزمان، كان الاعتراف بالتقصير والزلات في منظومة الخدمات الحكومية ضرباً من المحال، على الرغم من أن هذه المصارحة تضفي على المسؤول هالة من الاحترام والتقدير، وتساعد في الارتقاء بمستوى الأداء في القطاع الذي يرأسه، وتسهم في تطويره، وتمنحه ثقة الجمهور. أما ثقافة الاعتذار من قبل المسؤول عن أي إخفاق، فكانت نادرة الوجود، بل أقرب إلى العدم في تلك الحقبة. لكن، تجدر الإشارة إلى أن الأمور تبدلت الآن، بعد أن رسخت الدولة مبدأ الشفافية، وأصبح تقييم الأداء عنصراً أساسياً في عملها، وغدت ملاحظات المواطنين تحظى باهتمام بالغ، كمؤشر دقيق على مستوى الخدمات المقدمة لهم. وإذا أردنا أن نستحضر مثالاً حياً للمسؤول المقدام الذي يرى في الاعتذار فضيلة، وينحاز إلى صف متلقي الخدمة، ويعترف بأن طموحه لمستوى خدمة القطاع الذي يتولى مسؤوليته يتجاوز الواقع الحالي، فإن أول من يتبادر إلى الأذهان هو وزير الطاقة، صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز. ولا أقول ذلك من باب المجاملة أو الثناء، لعلمي بأنه لا يلتفت إلى ذلك ولا يشغل باله، ولكن من أجل أن يقتدي به سائر المسؤولين، ويتمثلوا نهجه الذي يعكس وعياً عميقاً بمعنى المسؤولية. جميعنا يعلم أن خدمة الكهرباء لم تكن بالمستوى الذي يطمح إليه الناس، على الرغم من وفرة الإمكانات والدعم اللامحدود من الدولة، فالمشاكل جمة والمعاناة كبيرة، إلى أن انتقل هذا القطاع تحت إشراف وزارة الطاقة قبل نحو ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الحين بدأت حقبة جديدة للنهوض به، شملت جميع جوانبه، وهي تركة ثقيلة تحملتها الوزارة، لكنها تصدت لها بمسؤولية عظيمة بدأت تظهر نتائجها الإيجابية. وعلى الرغم من هذا التحسن الملموس، إلا أن الوزارة لم تتبجح به أو تمنّ به على المستهلك، أو تتوقف عنده. في المؤتمر السعودي الثاني عشر للشبكات الذكية، الذي انعقد مؤخراً في الرياض، صرح الأمير عبدالعزيز في كلمته: "إننا نخوض رحلة مضنية بدأت منذ حوالي ثلاث سنوات، وأتذكر مناسبة سابقة قدمت فيها اعتذاري لجميع مستهلكي الكهرباء والطاقة بشكل عام، وأكرر اعتذاري أمام الملأ بأننا لم نصل بعد إلى الخدمة والجودة التي نتطلع إليها، وعذرنا الوحيد هو أننا لا نزال نعمل جاهدين لتطوير كافة قطاعات الكهرباء، من إنتاج ونقل وتوزيع، وسوف ننتهي بحلول عام 2027 أو 2028 للوصول إلى منظومة كهرباء تليق بسمعة هذا الوطن، وتليق بمواطنيه والمقيمين فيه، وأجدد اعتذاري نيابة عن جميع العاملين في هذا القطاع". وفي لفتة رائعة أخرى، أكد سموه انحياز الوزارة التام للمستهلك قائلاً: "نعدكم بأننا سنكون لكل مستهلك مدافعين عن حقوقه بكل ما أوتينا من قوة". إنها لثقافة سامية في تحمل المسؤولية، عندما تنحاز وزارة بأكملها إلى جانب المستهلك وحقوقه، وتؤكد أنها ستكون حصنه المنيع. وبمثل هذه الثقافة الراسخة، تتوطد الثقة بين المواطن والمسؤول، وتترسخ الطمأنينة بوجود الحرص البالغ والعمل الدؤوب لتقديم أرقى مستويات الخدمات. ويا حبذا لو تسود هذه الثقافة بين جميع المسؤولين في كل القطاعات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة